يشهد لبنان هذه الأيام حراكًا سياسيًا ودبلوماسيًا مكثفًا، حيث تتضافر جهود إقليمية ودولية لمعالجة التوترات الأمنية والسياسية التي تخنق البلاد. في قلب هذه التطورات، يقود الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين مفاوضات حساسة تشمل ترتيبات أمنية وسياسية تمتد إلى جميع أنحاء لبنان، وليس فقط الجنوب.
مفاوضات هوكشتاين: أمل بإنهاء النزاع
التقى هوكشتاين رئيس مجلس النواب نبيه بري في جلسة مطولة استمرت أكثر من ساعة ونصف، وهي الأطول من نوعها، واصفًا المحادثات بأنها "بنّاءة". أشار هوكشتاين إلى وجود فرصة حقيقية لوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية شاملة تنهي النزاع القائم، مؤكدًا أنه موجود في لبنان لتسهيل هذا القرار.
كما لفت إلى أن نجاح المفاوضات سيفتح الباب أمام ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، وهو تطور قد يحمل تداعيات إيجابية على استقرار المنطقة.
مشاركة دولية في الترتيبات الأمنية
مصادر متعددة أكدت أن فرنسا وأطرافًا دولية أخرى ستشارك في آليات تطبيق الترتيبات الأمنية التي يتم التفاوض عليها. الولايات المتحدة تلعب دورًا محوريًا في هذه العملية، حيث تسعى لفرض إشراف أميركي على أمن مرفأ ومطار بيروت، إلى جانب ترتيبات تحول دون وصول الأسلحة من سوريا إلى حزب الله.
ضغوط داخلية ودولية على حزب الله
رئيس مجلس النواب نبيه بري يبدو حريصًا على إقناع حزب الله بقبول الطروحات الأميركية، في خطوة تهدف إلى تخفيف الضغوط الدولية على لبنان. ومع ذلك، فإن تأجيل كلمة نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم التي كانت مرتقبة عصر اليوم أثار تساؤلات عن موقف الحزب من هذه التطورات.
ميقاتي: عودة النازحين وتطبيق القرارات الدولية
من جانبه، أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي خلال لقائه مع هوكشتاين أن الأولوية القصوى للحكومة اللبنانية هي تسريع عودة النازحين السوريين إلى بلداتهم وقراهم، إلى جانب وقف العدوان الإسرائيلي المستمر الذي تسبب في دمار كبير للبلدات اللبنانية. ميقاتي شدد أيضًا على ضرورة تطبيق القرارات الدولية وتعزيز دور الجيش اللبناني في الجنوب لضمان استقرار الأوضاع.
ترقب لنتائج المفاوضات
تُبدي الأوساط السياسية اللبنانية حذرًا ممزوجًا بالأمل إزاء هذه التحركات. نجاح المفاوضات قد يعني إحداث اختراق تاريخي في ملف الحدود البرية، مما يعزز من فرص تحقيق الاستقرار، لكنه في الوقت ذاته قد يفتح الباب أمام تدخلات دولية أكبر في الشؤون اللبنانية.
أميركا تراقب عن كثب
تبدو الإدارة الأميركية مصممة على تنفيذ هذه الترتيبات، بما في ذلك مراقبة الحدود والمرافئ الحيوية في بيروت، كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى الحد من نفوذ حزب الله في المنطقة.
المرحلة المقبلة: حذرة وحاسمة
في ظل هذه التطورات، تبقى الأنظار موجهة نحو المفاوضات الجارية، مع ترقب موقف حزب الله ومدى استعداده لتقديم تنازلات تتماشى مع الضغوط المحلية والدولية. القرار النهائي قد يحمل انعكاسات واسعة على لبنان، بين استعادة استقراره أو دخوله في مرحلة جديدة من التجاذبات السياسية.